كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وكلم الرب موسى على مغارب موآب عند الأردن قبالة يريحا فقال: كلم بني إسرائيل وقل لهم: أنتم جائزون الأردن إلى أرض كنعان لتهلكوا جميع سكان الأرض، وتحرقوا بيوت أصنامهم المسبوكة، وتقلعوا مذابحهم كلها، وتصير الأرض إليكم وترثونها، فاقسموها لعشائركم سهامًا، وصيروا الكثير على قدر كثرتهم، والقليل على قدر قلتهم، وكل قبيلة على ما يرتفع السهم بها وتصيبها القرعة، وإن لم تهلكوا سكان الأرض من بين أيديكم فالذين يبقون منهم يكونون أسنة في أعينكم وسهامًا في أصداغكم، ويضيّقون عليكم في الأرض التي تسكنونها، وكما رأيت أن أصنع بهم كذلك أصنع بكم، فهكذا اقسموا الأرض في مواريثكم: أرض كنعان بحدودها، فأما حد التيمن فيكون لكم من ساحل البحر الملح من ناحية المشرق، ويدور حدكم من التيمن إلى عقبة عقربيم ويجوز إلى صين، وتكون مخارجه من التيمن إلى رقيم الجائي، ويخرج من هناك إلى حصر إدار- وفي نسخة: إلى رفح- ويجوز إلى عصمون إلى وادي مصر، وتكون مخارجه إلى ناحية البحر ويكون حد البحر حدكم والبحر الأعظم بحدوده، هذا حدكم من ناحية البحر وأما حدكم مما يلي الجربيا- وفي نسخة: الشمال- فيكون من البحر الأعظم إلى هور الجبل، وحدود ذلك من الجبل إلى مدخل حماة، وتكون مخارج الجبل إلى صدد، ويخرج الحد إلى زفرون، وتكون مخارجه إلى حصر عينن، هذه حدودكم من ناحية الجربيا، وأما حدودكم من ناحية المشرق فحدوده من حصر عينن إلى شافم، وينزل الحد نم شافمم إلى ربلة إلى مشارق غاب، حتى ينتهي إلى بحر كنرت- وفي نسخة: البحيرة الميتة- من مشارقه، ويدور حتى ينزل إلى حد الأردن، وتكون مخارجه إلى بحر الملح، هذه حدود الأرض التي ترثونها كما تدور ثم ذكر القسمة وشيئًا من الأحكام، ثم قال في أول السفر الخامس: هذه الآيات والأقوال التي قال موسى لبني إسرائيل عند مجاز الأردن في البرية في عرابا- وفي نسخة: البيداء وهو الجانب الغربي- حيال سوف بين فاران وبين تفال ولبان وحضروت وذي ذهب- وفي نسخة: ودار الذهب وهو إشارة إلى الموضع الذي عبدوا فيه العجل- مسير أحد عشر يومًا من حوريب إلى ساعير وإلى رقام الجائي.
لما كان في سنة أربعين من خروج بني إسرائيل من مصر في الشهر الحادي عشر في أول يوم منه كلم موسى بني إسرائيل وأمرهم بعد قتلهم سيحون ملك الأمورانيين وعوج ملك متنين في مجاز الأردن في أرض موآب، قال: إن الله قال لنا في حوريب: قد طال مكثكم في هذا الجبل، انهضوا فارتحلوا من هاهنا وادخلوا جبل الأمورانيين وكل ما حوله إلى القرى والجبل وإلى ساحل البحر أسفل الجبال، والتيمن أرض الكنعانيين، ولبنان إلى النهر الكبير الذي هو الفرات، ادخلوا ورثوا الأرض التي وعد الله آباءكم إبراهيم وإسحاق ويعقوب أن يعطيهم، ويورثها نسلهم من بعدهم، ثم قال: وأمرتكم في ذلك الزمان بما ينبغي أن تصنعوا، وارتحلنا من حوريب وسرنا في البرية العظيمة المرهوبة كما أمرنا الله ربنا، وانتهينا إلى رقيم الجائي، وقلت لكم: قد انتهيتم إلى جبل الأمورانيين الذي أعطانا الله ربنا، اصعدوا ورثوا الأرض كما قال لكم الله رب آبائكم، لا تخافوا ولا تفزعوا، وتقدمتم إليّ بأجمعكم وقلتم: نرسل بين أيدينا رجالًا يتجسسون لنا الأرض ويخبرونا بخبرها ويدلّونا على الطريق الذي نسير فيه والقرى التي ندخلها؛ فكان قولكم عندي حسنًا، وعمدت إلى اثني عشر رجلًا منكم، من كل سبط منكم رجل، وأرسلتهم، وصعدوا إلى الجبل حتى انتهوا إلى وادي العنقود، واستخبروا الأرض وأخذوا من ثمار الأرض وأتوا به وأخبرونا وقالوا لنا: ما أخصب الأرض التي يعطينا الله ربناَ! ولم يعجبكم أن تصعدوا، ولكن اجتنبتم قول الله ربكم وأغضبتموه وتوشوشتم في خيمتكم وقلتم: لبغض الرب أخرجنا من أرض مصر ليدفعنا في أيدي الأمورانيين ليهلكونا، إلى أين نصعد! إخوتنا كسروا قلوبنا وقالوا: الشعب أعظم وأعزّ منا وأقوى، وقراهم عظيمة مشيدة إلى السماء، ورأينا هناك أبناء جبابرة، وقلت لكم: لا تخافوا ولا تفزعوا منهم، من أجل أن الله ربكم هو يسير أمامكم، وهو يجاهد عنكم كما صنع بكم في أرض مصر وفي البرية.
كما رأيتم أنه فداكم كما يفدي الوالد ولده في كل الأرض التي سلكتموها حتى انتهيتم إلى هذه البلاد، وبهذا القول لم تصدقوا أن الله ربكم يكمل لديكم أنه يسير أمامكم في الطريق ليهيىء لكم موضعًا تسكنون فيه، أليس هو الذي أراكم طريقًا تسلكون فيه بالليل بالنار، وستركم بالنهار من حر الشمس بالغمام، وسمع الرب كلامكم وأصواتكم وغضب وأقسم وقال: لا يعاين أحد من هؤلاء القوم- أهل هذا الحقب الرديء- الأرض المخصبة التي أقسمت أن أعطي آباءهم غير كالاب بن يوفنا، إني أدفع إليه الأرض التي مشى فيها وأورثها ولده، لأنه أتم قول الرب وأكمل سنته، وقال لي: وأنت أيضًا لا تدخلها، ولكن يشوع بن نون الذي يخدمك هو يدخل هناك، إياه قوِّ وأيد، لأنه هو الذي يورث بني إسرائيل الأرض المخصبة التي وعدت بها آباءهم أن أعطيهم، وأما مواشيكم التي قلتم: إنها تنتهب، وبنوكم الذين لا يعلمون الخير من الشر، فهم يدخلون هناك، وإليهم أدفعها وهم يرثونها، فأما أنتم فاقبلوا وارتحلوا إلى البرية في طريق بحر سوف، فرددتم عليّ وقلتم: أسأنا وأجرمنا بين يدي الله ربنا، نحن صاعدون ومجاهدون كما قال لنا، وتسلح كل امرىء منكم بسلاحه، وتهيأتم للصعود إلى الجبل، وقال الرب لي: أنذرهم وقل لهم: لا تصعدوا ولا تجاهدوا، لأني لست بينكم، لئلا يهزمكم أعداؤكم، وقلت ولم تقبلوا، اجتنبتم قول الرب وأغضبتموه وجسرتم وطلعتم إلى الجبل، فخرج الأموريون الساكنون في ذلك الجبل للقائكم وطردوكم كما تطرد الزنابير بالدخان، ودفعوكم من ساعير إلى حرما، وجلستم وبكيتم ولم يسمع الرب أصواتكم، فبكيتم أمام الرب في رقام أيامًا كثيرة ما مكثتم فيها، فأقبلنا فارتحلنا في البرية في طريق بحر سوف كما قال الرب، وترددنا حول جبل ساعير أيامًا كثيرة، وقال لي الرب: قد طال ترددكم حول هذا الجبل اقبلوا إلى الجانب الجربي، فتقدم إلى الشعب وقل لهم: أنتم تجوزون في حد إخوتكم بني عاسو- وفي نسخة: عيصو- الذين يسكنون ساعير، فاحفظوا أن لا تولعوا بهم.
لأني لست أعطيكم من أرضهم ميراثًا ولا موضع قدم، ابتاعوا منهم طعامًا لمأكلكم وامتاروا منهم ماء بفضة لمشربكم، وليبارك الله ربكم عليكم ويبارك لكم في كل ما عملت أيديكم، كما علم أن يسوسكم في هذه البرية أربعين سنة، الله ربكم ما دام معكم لا يعوز بكم شيء، وجزنا طريق العربة- وفي نسخة: البيداء- وأيلة، وأقبلنا وجزنا في البرية إلى طريق موآب، وقال لي الرب: لا تضيق على الموآبيين ولا تحاربهم، لأني لست أعطيك من أرضهم ميراثًا، بل قد جعلت هذه الأرض ميراثًا لبني لوط هذه التي سكنها إمتى أولًا، شعبًا كان عظيمًا، كان الموآبيون يسمونهم إمتى، فأما ساعير فكان سكانها الحورانيين أولًا وورثها بنو عاسو، فقوموا الآن فجوزوا وادي زرد، فجزنا وادي زرد حينئذ، وكان عدد الأيام التي سرنا من رقيم إلى أن جزنا وادي زرد ثماني وثلاثين سنة، حتى هلك جميع الرجال الأبطال أهل ذلك الحقب من عسكر بني إسرائيل كما أقسم عليهم الرب، لأن يد الرب كانت عليهم حتى هلكوا، فلما ماتوا من الشعب كلمني الرب وقال لي: أنت جائز اليوم إلى حد موآب، وتدنو من حد بني عمون فلا تتعرض لهم، لست أعطيك ميراثًا من أرض بني عمون، لأني قد جعلتها ميراثًا لبني لوط، فقم وارتحل وجز وادي أرنون، إني قد دفعت إليك سيحون ملك الأمورانيين فحاربه وأهلك أصحابه، فإني أبدأ فألقي خوفك وفزعك على الناس منذ يومك هذا، وعلى جميع الشعوب التي تحت السماء، حتى إذا سمعوا بخبرك فرقوا وفزعوا منك، وأرسلت رسلًا من برية قدموت إلى سيحون ملك حجبون بكلام طيب وبالسلام، وقلت له: نجوز في أرضك ونسير في الطريق الأعظم، لا نميل يمنة ولا يسرة نمتار منكم طعامًا بفضة لمأكلنا، وكذلك نبتاع ماء لمشربنا بثمن، فدعونا نجز سائرين في الطريق كما صنع بنا بنو عاسو الذين في ساعير، والموآبيون الذي في عار، حتى يجوز في الأردن إلى الأرض التي يعطينا الله ربنا، لوم يسرَّ سيحون ملك حجبون أن نجوز في حده، لأن الله ربكم قسّى قلبه وعظم روحه ليدفعه في أيديكم، وخرج إلينا هو وجميع أجناده ليحاربونا في ياهاص، فدفعه الرب إلينا وقتلناه هو وجميع أجناده وفتحنا قراه وأهلكنا كل من كان في قراه، ولم يبق منهم أحد، وأهلكنا نساءهم وعيالاتهم، ولم يبق منهم أحد من حد عروعير التي على حد وادي أرنون، والقرية التي في الوادي وإلى جلعاد لم تفتنا قرية، بل دفعها الله ربنا في أيدينا جميعًا، فأما أرض بني عمون فلم نقربها، وكل ما كان على وادي يبوق وقرى الجبال أيضًا، وكل ما أمرنا الله ربنا به، ثم أقبلنا وصعدنا إلى أرض متنين، وخرج إلينا عوج ملك متنين هو وكل شيعته ليحاربنا في أدرعى، وقال لي الرب: لا تفرق فإني قد دفعته في يديك، وأسلمت إليك كل أجناده وأرضه، وقتلناهم ولم يبق منهم أحد، وظفرنا بكل قراه في ذلك الزمان، ولم تفتنا قرية إلا أخذناها منهم ستين قرية، كل جبل أرجوب، كل القرى التي كانت أسوارها مشيدة محصنة بالأبواب الشديدة الموثقة، وأحرمناهن كما صنعنا بسيحون وأخذنا الأرض في ذلك الزمان من ملكي الأمورانيين اللذين كانا عند مجاز الأردن من وادي أرنون إلى جبل حرمون، فأما الصيدانيون فكانوا يدعون حرمون سريون، وأما الأمورانيون فكانوا يسمونها سنير، وأخذنا كل القرى التي كانت في الصحراء وكل جلعاد وكل متنين إلى سلكة وأدرعى، جميع قرى ملك عوج، لأن عوجًا كان الجبار الذي بقي وحده من الجبابرة، وكان سريره من حديد، وفي مدينة بني عمون التي تسمى ربة، طوله تسع أذرع وعرضه أربع أذرع بذراع الجبابرة، وورثنا هذه الأرض في ذلك الزمان؛ ثم قال: أمرت يشوع في ذلك الزمان وقلت: قد رأيت بعينيك ما صنع الله ربكم بملكي الأمورانيين، كذلك يصنع الرب بجميع المملكات التي تجوز إليها، لأن الله ربكم هو يجاهد عنكم، وتضرعت إلى الرب في ذلك الزمان وقلت: أطلب إليك يا ربي وإلهي أن تظهر لعبدك عظمتك بيدك المنيعة وبذراعك العظيمة، أيّ إله في السماء أو في الأرض يعمل مثل أعمالك وجرائحك! أتأذن لي الآن فأعبر وأعاين الأرض المخصبة التي في مجاز الأردن، هذا الجبل المخصب ولبنان، ولم يتسجب لي وقال لي الرب: حسبك! لا تعد أن تقول هذا القول بين يدي، اصعد رأس الأكمة وارفع عينيك إلى المغرب والمشرق وإلى الجربي والتيمن، وانظر إليها نظرًا ولا تجز هذا الأردن، ومر يشوع وتقدم إليه وقوِّه وأيده، لأنه هو الذي يجوز أمام هذا الشعب وهو الذي يورثهم الأرض التي تراها، ونزلنا الوادي حيال بيت فغور: ثم قال: وأقسم- أي الرب- أني لا أجوز هذا الأردن ولا أدخل إلى الأرض التي أعطاكم الله ربكم ميراثًا، فأنا الآن متوفٍ في هذه الأرض، ولا أجوز هذا الأردن، فأما أنتم فتجوزون وترثون هذه الأرض المخصبة، احفظوا لا تنسوا عهد ربكم الذي عاهدكم، ولا تفسدوا وتتخذوا أصنامًا وأشباهًا، من أجل أن الله ربكم هو نار محرقة وهو إله غيور، وإذا ولد لكم بنون وبنو بنين وعتقتم في الأرض.
واتخذتم أصنامًا وأشباهًا وارتكبتم الشر أمام الله ربكم وأغضبتموه قد أشهد عليكم السماء والأرض أنكم تهلكون سريعًا من الأرض التي تجوزون لترثوها، ولا تكثر أيامكم فيها، ويبددكم الرب من بين الشعوب ويبقي منكم عدد قليل بين الشعوب التي يفرقكم الرب فيها، سلوا عن الأيام الأولى التي مضت قبلكم منذ يوم خلق الله الناس على الأرض من أقصى السماء إلى أقطارها، هل كان مثل هذا الأمر العظيم أو سمع بمثله قط؟ هل سمع شعب آخر صوت الله يكلمه من النار كما سمعتم أنتم، وجربوا الله الذي اتخذهم شعبًا من الشعوب بالبلايا والآيات والأعاجيب والحروب واليد المنيعة والذراع العظيمة وبالمناظر العظيمة، كما صنع الله بأهل مصر تجاهكم أنتم وعاينتم وعلمتم أن الله هو رب كل شيء وليس إله غيره، أسمعكم صوته من السماء ليعلمكم وأراكم ناره العظيمة، وسمعتم أقاويله من النار، ولحبه لآبائكم اختار نسلهم من بعدهم، وأخرجكم بوجهه من مصر بقوته العظيمة، ليهلك من بين أيديكم شعوبًا أعظم وأعزّ منكم ليدخلكم ويعطيكم أرضهم ميراثًا، لتعلموا يومكم هذا وتقبلوا بقلوبكم لأن الرب هو إله في السماء فوق وفي الأرض أسفل، وليس إله سواه، احفظوا سننه ووصاياه التي أمركم بها يومكم هذا لينعم عليكم وعلى أبنائكم من بعدكم ويطول مكثكم في الأرض التي يعطيكم الله ربكم طول الأيام.
هذه الشهادات والأحكام التي قص موسى على بني إسرائيل حيث خرجوا من أرض مصر، فانتهوا إلى مجاز الأردن في الوادي في مشارق الشمس، وإلى بحر العربة إلى سدود الفسجة، ثم قال بعد ذلك في أواخر هذا السفر بعد أن قص عليهم أحكامًا كثيرة وحِكَما عزيزة: الرب يقبل بكم إلى الخير ويفرحكم كما فرح آباؤكم، وذلك إن أنتم سمعتم قول الله ربكم وحفظتم سننه ووصاياه المكتوبة في هذا الكتاب من كل قلوبكم وأنفسكم، من أجل أن هذه الوصية لم تخف عليكم ولم تغب، وليس هو بمستور في السماء فتقولوا: من يصعد لنا إلى السماء ويأتينا به فنسمعه ونعمل به! وليس بغائب عنكم في أقصى البحر فتقولوا: من ينزل لنا إلى البحر ويأتينا به فنسمعه ونعمل به! ولكن القول قريب من فمك وقلبك فاعمل به، وانظر أني قد صيّرت بين يديك اليوم الحياة والخير، فأخبرتك بالموت والشر، وأنا آمرك اليوم أن تحب الله ربك وتسلك في طرقه وتحفظ سننه ووصاياه وأحكامه، لتحيى وتكثر جدًا، ويبارك الله ربك عليك، وينميك في الأرض التي تدخلها لترثها، وإن مال قلبك وزاغ ولم تسمع وضللت وتبعت الآلهة الأخرى وسجدت لها فقد بينت لكم اليوم أنكم تهلكون هلاكًا، ولا يطول مكثكم في الأرض التي تجوزون الأردن لترثوها، وأوعزت إليكم وناشدتكم السماء والأرض والحياة والموت- وفي نسخة: وأشهدت عليكم السماء والأرض وجعلت بين يديكم الحياة والموت- وتلوت عليكم اللعن والدعاء، فاختر الحياة لتحيى أنت ونسلك إذا أحببت الله ربك وسمعت قوله ولحقت بعبادته، لأنه حياتك وطول عمرك، وتسكن في الأرض التي أقسم الرب لآبائك ووعد إبراهيم وإسحاق ويعقوب أن يعطيك؛ ثم انطلق موسى وكلم بني إسرائيل وقص عليهم هذه الأقوال كلها وقال لهم: اليوم مائة وعشرون سنة، ولست أقدر على الدخول والخروج أيضًا، والرب قال: إنك لا تجوز هذا الأردن، فالله ربكم هو يجوز أمامكم، وهو يهلك هذه الشعوب من بين أيديكم وترثونهم، ويشوع هو يجوز أمامكم كما قال الرب، وسيصنع بهم الرب كما صنع بسيحون وعوج ملكي الأمورانيين اللذين أهلكهما، ويهزمهم الله ربكم من بين أيديكم، فاصنعوا بهم حينئذ ما أمرتكم به، فتقوّوا واعتزوا ولا تخافوا ولا تفزعوا، ولا ترعب قلوبكم منهم، لأن الله ربكم سائر أمامكم، لا يخذلكم ولا يرفضكم؛ ودعا موسى يشوع بن نون وقال له بين يدي جماعة بني إسرائيل: تقّو واعتز، لأنك أنت الذي تدخل هذا الشعب الأرض التي أقسم الله لآبائهم أن يعطيهم، وأنت تورثها أبناءهم، والرب هو يسير أمامكم وهو يكون معك ولا يخذلك ولا يرفضك، فلا تخف ولا تفزع ولا يرعب قلبك؛ وكتب موسى هذه التوراة وسننها ودفعها إلى الأحبار بني لاوي الذين يحملون تابوت عهد الرب وإلى جميع أشياخ بني إسرائيل؛ ثم قال: وكلم الرب موسى في ذلك اليوم وقال له: اصعد إلى جبل العبرانيين هذا جبل نابو الذي في أرض موآب حيال يريحا وانظر إلى أرض كنعان التي أعطى بني إسرائيل ميراثًا، ولتتوفّ هناك في الجبل الذي تصعد إليه واجتمع إلى آبائك، كما توفي أخوك هارون في الجبل وصار إلى قومه، ثم قال في آخر هذا السفر وهو آخر التوراة: فطلع موسى من عربوب- وفي نسخة: من بيداء موآب- إلى جبل نبو إلى رأس الأكمة التي قبالة وجه إريحا، وأراه الله جميع جلعد إلى دان وجميع أرض نفتالي وجميع أرض إفرائيم ومنشا، وجميع أرض يهودا إلى آخر البحر والبرية وما حول بقعة بلد إريحا مدينة النخل إلى صاغر، فقال الرب لموسى: إن هذه هي في الأرض التي أقسمت لإبراهيم وإسحاق ويعقوب وقلت: إني لنسلكم أعطيها، قد أريتكها بعينيك، فأما أنت فما تدخلها، وقضى عبدالله موسى بأرض موآب بأمر الرب، فدفن- يعني في أرض موآب- حذاء بيت فاغور، ولم يعرف أحد أين قضى إلى يومنا هذا، وكان موسى وقت قضى ابن مائة وعشرين سنة، لم يضعف بصره ولم يشخ جدًا؛ فناح بنو إسرائيل على موسى بعربوب- وفي نسخه: في بيداء موآب- ثلاثين يومًا، وتمت أيام بكاء مأتم موسى؛ وامتلأ يشوع بن نون روَح الحكمة، لأن موسى وضع عليه يده، وأطاع له بنو إسرائيل وامتثلوا ما أمر الرب به موسى- انتهى ما أردته من أخبار التيه وما يتصل بذلك من مساواتهم لجميع الناس في العذاب بالمعاصي والإلطاف بالطاعات، الهادم لكونهم أبناء وأحباء.